الأحد، 2 فبراير 2014

صراع الاجيال

                                                    صراع الأجيال

"أنتم جيل تافه وقليل الادب وأنتم جيل خاضع وذليل"...
فيما مضى كان الطبيعى ان الانسان كلما كبر فى السن كلما نضج اكثر فنرى حكيم الزمان شيخ تعدى عمره المائة عام ذو لحية بيضاء كثيفة يأتى اليه الناس بمختلف اعمارهم لكى يستشرونه فى أمور حياتهم لانه صاحب الخبرة والبصيرة وهكذا منذ بداية الخلق وحتى بدايات العصر الحديث لتنقلب موازين البشرية وتتغير الاحوال فيصبح الانسان كلما تقدم فى عمره كلما ازداد جهلا بما يدور حوله من ثورة تكنولوجية ومعلوماتية ومن هنا بدأ الصراع بين جيل شعر انه يفقد قدرته على القيادة والسيطرة وجيل مازال بلا وعى وبلا تجربة حقيقية يريد التحرر من كل اغلال السلطة الابوية لكى يحقق طموحاته .
مشكلة الجيل الاول انه انفصل فترة كبيرة عن عالم الواقع وهذا لظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية فهذا الجيل بدأ تجربته بنكسة مريرة كسرت بداخله كل أمل او طموح ثم تمر به الايام ليجد نفسه متزوج ولديه اطفال وسط ظروف اقتصادية صعبة تضطر رب الاسرة الى الغرق فى دوامة البحث عن لقمة العيش او السفر الى أحدى الدول الخليجية ليحصل على أموال تأمن له ولأسرته المستقبل ومن هنا بدأت الفجوة بين جيل انغمس فى العمل سعيا وراء جمع المال لتوفير حياة افضل وجيل نشأ لم يجد من ينصحه او يرعاه ومع بدايات القرن ال 21 حدثت الثورة التكنولوجية العظيمة والكارثية فى نفس الوقت , ففى الوقت الذى انشغل فيه الاب بالحصول على المال ليوفر لابنائه الكمبيوتر والموبايل والآى باد كان فى الواقع يشترى لهم السلاح الذى تخلصوا به من كل قيود واغلال السلطة الابوية , اصبح عالم الانترنت هو الاب الشرعى لهذا الجيل فمنه يأخذ النصيحة ولكن هذا الاب لم يكن حريص بالقدر الكافى على ابنائه فترك لهم حرية الاختيار تريد علوم وفنون ودين ستجد تريد شهوة وانحطاط اخلاقى ستجد وهكذا تحمل هذا الجيل وزر أبائه الذىن انشغلوا بالعمل وتركوا ابنائهم لدوامة العالم الافتراضى .
 

وتأتى موجة ثورية جديدة ولكنها عاتية هذه المرة وهى ظهور مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسهم موقع facebook الاكثر انتشارا فى مصرابتدأ ال fb بمجموعة من الشباب المتعلم الى حد ما يستغل الموقع من أجل التواصل مع اصدقائه او التعبير عن بعض ارائه ولكن يأتى يوم 25 يناير لعام 2011 لتنقلب الاحوال ويصبح ال fb شرارة لثورة قام بها شباب فى عالمهم الافتراضى المتحرر من كافة القيود نزلوا ليحققوا هذا التحرر على ارض الواقع ولكنهم اصطدموا بجيل كل ما يربطهم به علاقة اقتصادية او بمعنى اخر " شوال فلوس" لايحتاجه الا عند الحاجة اشتعلت الاحداث وازداد الصراع بين جيل يريد التغير وكل خبرته فى الحياه اكتسبها من صفحات الfb وجيل يريد الاستقرار لكى يستمر فى مقاومة دوامات العمل والظروف الاقتصادية التى تزداد صعوبة وكلما شعر هذا الجيل بان الظروف الاقتصادية تزداد صعوبة كلما اتهم جيل ال fb بالتخريب  وعدم المسئولية وكلما شعر جيل الfb ان حلم التحرر يضيع اتهم الجيل الاخر بالخضوع والذل والرضا بالظلم والعبودية .
 

وفى كل يوم وبدون ايجاد الحلول تزداد حدة الصراع بين مجتمعين بين مجتمع واقعى واخر افتراضى وهذا المجتمع اصبح مجتمعا عدائيا لدرجة خطيرة رايات الحرب الاهلية ترفرف فى كل ارجائه ,اصبح عالم ملئ بالكذب والنفاق والخيانة والسباب والشتائم مجتمع يعانى شدة استقطاب ستودى به قريبا الى كارثة حقيقة وهى انتقال تلك الحرب الاهلية من على صفحات الفيسبوك الى ارض الواقع وقد بدأت بعض ملامح تلك الحرب تتجلى فى الواقع المرير الذى نعيشه .
 

جيل الفيسبوك وللاسف فقد كل معانى الادب والاحترام والدين فنرى السب والبذاءة والكذب بدعوى الحرية و كسر قيود السلطة الابوية ومواكبة العصر ولكنها ليست حرية بل فوضى وانحاط اخلاقى شباب لايجيدون شيئا الا السب والصراع والاعتراض على اى شئ والفبركة والسخرية ونرى جيل السلطة الابوية يستخدم سلاحه الاقتصادى من أجل فرض سيطرته على جيل تحرر من كل القيود والعادات والقيم جيل يريد ان يطبق قوانين زمن انتهى وتغيرت ملامحه على زمن لم تكتمل صورته بعد .
 

وبين صراعات وحروب لا نهاية لها تجد جيل ذو سلطة ابوية رشيدة ربى اولاده على القيم والعادات والخلق الطيب ولكن دون سيطرة يراقب عن كثب ولكن دون تقيد للحرية  وجيل احترم ومازال يحترم جيل ابيه مع تمسكه بحقه فى تغير الواقع والعمل على بناء مستقبل جيد وهؤلاء هم الامل الاخرون قوتهم ظاهرة لانهم اصحاب الصوت الاعلى .
حل تلك الازمة الطاحنة سيستغرق فترة طويلة وللاسف قد يفشل كثيرا فى ظل هذا الاستقطاب والتمسك الشديد بالرأى . يجب ان يعلم كل جيل انه محتاج للاخر , يجب على جيل الفيسبوكى ان يدرك الواقع وان يتعلم من تجارب من سبقه ويعلم ان جيل ابائنا لم ينغمسوا فى دوامة العمل الا ليوفروا لنا حياة كريمة من وجهة نظرهم ويجب ان يعلم جيل السلطة الابوية ان ماهو ات هو مستقبل الشباب فتركوه يعيش التجربة وعليكم بالنصح والارشاد.
وسنرى فى المقال القادم ان شاء الله كيف تعامل الاسلام مع هذ الصراع ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق