الاثنين، 2 سبتمبر 2013

المجتمع الاسلامى فى عصر النبوة

                        المجتمع الاسلامى فى عصر النبوة   

ضلّت أمتنا عندما افتقدت الاستفادة من سيرة الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم انحرفنا عن الطريق المستقيم عندما اختصرنا سنته فى لحية وجلباب ولم نلتفت الى ان النبى اهدى الى امته اعظم حياه نقتضى بها ونسير على خطاها فسيرة النبى هى منهج للتعامل مع الاشياء والاشخاص والاحداث وبتطبيقنا الصحيح لسنة النبى نسعد فى الدارين .
ولقد مر المجتمع الاسلامى فى العصر النبوى الشريف بعدة مراحل سنعرض اربعة نماذج لهذا المجتمع تبين لنا كيف للمسلم ان يعيش فى ظل الظروف المختلفة والمتقلبة .....
النموذج الاول : مكة اضطهاد وسوء معاملة
النموذج الثانى : إنّ بأرض الحبشة ملكًا لا يُظلَم أحدٌ عنده
النموذج الثالث : المدينة ووثيقتها العظيمة
النموذج الرابع : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 

                                 أقول قولى هذا وأستغفر الله

الأحد، 1 سبتمبر 2013

النموذج الاول

                                  مكة اضطهاد وسوء معاملة

كانت مكة قبل بعثة النبى هى مركز الديانة العربية لوجود بيت الله الحرام بها وكانت مركز الشرك فكان بها ثلاثمائة وستون صنما وكان اهلها هم سادة العرب وسدنة البيت الحرام , وفى ناحية من مكة فى غار حراء كان يذهب سيدنا محمد ليختلى بنفسه ويتفكر فى شأن هذا الكون وفى شأن خالقه حتى جاءه جبريل بالوحى الشريف وقال له اقرأ يا محمد" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ " .
 وبدأت دعوة النبى فى سرية تامة فكانت تلك المرحلة الاولى واستمرت هكذا ثلاث سنوات الى ان جاء أمر الله تعالى" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" فخرج النبى الى جبل الصفا ودعاهم الى الاسلام والى عبادة الله وحده لا شريك له فقال له ابولهب تعسا لك جئت بنا لتقل هذا ومن هنا بدأت سنوات الاضطهاد وسوء المعاملة فكان المشركون يضطهدون النبى فنرى ابى جهل يغلظ القول على سيدنا محمد ويسبه ثم يضربه بعظمة فيشجب رأسه الشريف.وفى واقعة اخرى و بينما رسول الله  يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله  ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله  وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم وكانوا ينادونه يا مذمم ويقولون مذمم عصينا ودينه ابينا فيقول نبينا الهادى الكريم يسبون مذمما وانا محمدا, قام  المشركون بتعذيب اصحاب الرسول الضعفاء فنرى تعذيب آل ياسر رضوان الله عليهم ومقتل سمية وتعذيب بلال وخباب بن الأرت , بعد واقعة ابى جهل وسبه للنبى اسلم حمزه بن عبد المطلب وبعد ثلاثة ايام اسلم عمر بن الخطاب فكانت هذه نقطة تحول فى مسار الدعوة فاصبح المسلمون يصلون فى الكعبة وبدأ الاسلام بنتشر فى ربوع مكة وهذه هى المرحلة الثانية واستمرت سبع سنوات .
عرضت قريش على النبى المال والسلطان والجاه ولكنه رفض وقال لابى طالب يا عمّ لو وُضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تركتُ هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه». ثم بكى سيدنا محمد، فقال له أبو طالب «يا ابن أخي، إمضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدًا» , كذبوا النبى فى كل مكان وقالوا عليه كاهن وساحروشاعر فنزل قول الله "إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ *وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ *وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ *تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ."
شعر ابى طالب بالخوف على سيدنا محمد فجمع بنو هاشم وبنو عبد المطلب مسلمهم وغير مسلمهم ماعدا ابى لهب فقد كان مع قريش واخذ عليهم العهد بحماية النبى من بطش قريش وظلمهم له فاتفقوا على حمايته.
اجتمع المشركون من قريش وتشاوروا فى امر محمد وبنو هاشم فقرروا حصارهم  بألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يجالسوهم، حتى يسلموا محمدًا للقتل، وكتبوا بذلك كتابًا وعلّقوه في جوف الكعبة ,اجتمع بنو هاشم والمسلمون فى شعب ابى طالب وحاصرتهم قريش وضيقت عليهم ,بعد ثلاث سنوات من العذاب والجوع والقهر نقضت الصحيفة عندما ذهب ابى طالب الى قريش وقال لهم  إنّ ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني قطّ أنّ الله قد سلّط على صحيفتكم الأرضة فلحست كل ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم، وبقي فيها كل ما ذكر به الله، فإن كان ابن أخي صادقًا نزعتم عن سوء رأيكم، وان كان كاذبًا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه»، قالوا «قد أنصفتنا»، فأرسلوا إلى الصحيفة، ففتحوها فإذا هي كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
مات ابى طالب الذى كان سندا للنبى فى وجه سادة قريش وماتت السيدة خديجة رضى الله عنها التى قال عنها النبى آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها
الله الولد دون غيرها من النساء وسمى هذا العام بعام الحزن.

اشتد اذى الكفار للنبى فكانوا يهيلوا عليه التراب ويضعوا على ظهره الشريف وهو ساجد كرش الابل وكان النبى يصبر على اذى قومه.
بدأت المرحلة الثالثة من حياة النبى فى مكة وهى انطلاق دعوته الى خارج مكة فذهب الى الطائف ورفض اهلها الاسلام واذوا النبى  وألقوا عليه الحجارة فدعا النبى ربه وقال

"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدوّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك"
جاءت بعدها رحلة الاسراء والمعراج . ثم استمر النبى فى دعوته للقبائل التى تأتى فى موسم الحج الى ان حدثت بيعة العقبة الاولى بين النبى وستة اشخاص من يثرب ووعدوا النبى بالعودة بعد سنة يكونوا قد نشروا الاسلام بيثرب وبعد عام جاءوا الى النبى وبايعوه فى العقبة للمرة الثانية وكانوا قد بلغوا سبعون رجلاً وامرأتان .
 اشتد البلاء على المسلمين بعدما علم المشركون ببيعة العقبة الثانية، أذن سيدنا محمد لأصحابه بالهجرة إلى يثرب فهاجر معظم المسلمون وظل النبى حتى جاءه أمر الله بالهجرة وكانت قريش قد اتفقوا على أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمد فيتفرّق دمه في القبائل فلا يستطع بنو هاشم الثأر له ولكن الله حمى نبيه الكريم  وهاجر مع سيدنا ابى بكر فى رحلة شاقة وعظيمة وبذلك انتقل النبى الى المدينة المنورة ليأسس للدولة الاسلامية لتكون نواة لحضارة عظيمة وانتشار لدين الله دين الحق.

 

والان كيف للمسلم الذى يعيش فى مجتمع يضطهد الاسلام والمسلمين ان يتعامل مع هذا المجتمع  كيف يستفيد من سيرة النبى صلى الله عليه وسلم؟نبينا الكريم كان فى مكة يدعو الناس بالكلام الطيب وبالموعظة الحسنة لم يجبر احد على الدخول فى الاسلام نرى سيدنا النبى يشتد اذى المشركون به فيصبر عليهم ويدعوهم مرة اخرى كان صلى الله عليه وسلم احرص عليهم من انفسهم لم يأمر اصحابه يوما بالانتقام من المشركين رغم ما لقوه من تعذيب وكان يقول لهم اصبروا فان نصر الله قريب يجب على المسلم الذى يعيش فى تلك الظروف الصعبة ان لا يلجأ الى العنف ولكن يصبر على اذى قومه ولا ينكسر ولا يفرط فى الدعوة الى الحق فالنبى مكث فى مكة رغم كل هذا ثلاثة عشر عاما لم يتنازل عن الحق يوما عرضوا عليه المال والسلطان ولكنه ظل ثابتا  لانه يعلم ان الله معه , نرى النبى كيف كان يتعامل مع المشركين فلم يسب احدا منهم و لم يقاتلهم وظل يدعوهم الى الهدى والتقوى والان نعتقد اننا كلما هاجمنا من يعادى الاسلام وقمنا بسبه او قتله  كلما زاد الاسلام عزة اى خبل هذا نحن نضر الاسلام بايدينا ونشوه صورته نرى بلاد تعادى الاسلام فيدعوا بعض المتطرفون مسلمى هذه البلاد الى قتل من يتهجم على الاسلام وعلى رسول الله فنأكد لهم الاكاذيب التى يروجونها بان الاسلام دين دموى مع ان النبى وصحابته لقوا اشد العذاب ولم يقم احد منهم بمجرد سب المشركين وعندما سب النبى والقى عليه الحجارة من اهل الطائف كان بمقدوره ان يدعى عليهم فيخسف الله بهم الارض ولكنه شكى الى الله قلة حيلته ما أعظم هذا النبى وما اعظم رسالته,فالمسلم الذى يعيش  داخل مجتمع يعادى الاسلام عليه دعوة المعادين للاسلام بالكلمة الطيبة وتوضيح الصورة الحقيقية للاسلام.
فالمسلم فى هذا المجتمع يسير على منهج " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" .

ولقد تصور البعض ان الاسلام يحتاج الى حياه خاصة والى مجتمع منغلق وهذ خطأ فالاسلام موجود فى كل مكان فى المجتمع الاسلامى والمجتمع المتعدد وفى البلاد التى تحارب الاسلام , تعرض المسلمون على مر التاريخ لحالات اضطهاد ولكنهم بسيرهم على خطى الحبيب جعلوا من يضطهدهم يدخل فى الاسلام فالتتار الذين دمروا العالم الاسلامى فى نهاية الامر اصبحوا دولة اسلامية وهكذا الكثير من الامثلة ولكن اذا ابتعدنا عن سنة الحبيب فلن نزداد الا ذلا فعلينا اتباع النبى. واذا اشتد الاضطهاد فيمكنه ان يبتعد ويهاجر ولكنه يستمر فى بذل الجهد لدعوة مجتمعه الى الحق فالنبى لم ينس مكة بعد هجرته الشريفة ولكنه ظل يدعوهم الى ان فتح الله له مكة واسلم كل من بها .
عباد الله لا تستمعوا الى صوت العنف فنبينا لم يدعو احد الى الاسلام الا بالقول الطيب فلو سيرنا على خطى النبى سيعلم العالم ان ديننا هو دين الحق من حسن معاملتنا لهم .
                                    أقول قولى هذا واستغفر الله